أخبار وتقارير

اليدومي السياسي يخاطب اليمنيين بلغة الواعظ: “من المحرم علينا جميعا أن نحرق صنعاء من أجل دبة بترول”

يمنات
اعتبر رئيس العليا للتجمع اليمني للإصلاح، محمد عبد الله اليدومي، أن تسارع الأحداث في البلاد، ساهمت في رفع وتيرة الترقب والتوتر السياسي والاجتماعي، و التي قال إنها جاءت بحسن نية أو بسوء نية.
و أشار اليدومي أن ذلك ضاعف من معاناة أبناء المجتمع بصورة عامة على مستوى الجمهورية وليس في عاصمتها فقط..!
و ارجع اليدومي في منشور كتبه على صفحته في الفيس بوك، اليوم الثلاثاء، كل ذلك لأسباب أهمها قال إنها “مفتعل وغير مقبول”.
و لفت إلى أنه بإمكاننا تجاوز ذلك إذا صدقت النوايا وسعينا لإزالة الغشاوة عن أعيننا وعن بصائرنا، وحتى نحسن التعامل مع مانحن فيه كما هو في حقيقته لا كما هو متخيل ومتوهم في أهوائنا ورغباتنا وأطماعنا..!
و اعتبر اليدومي إن الفرصة لاتزال سانحة أمام الجميع للخروج من النفق الذي أُدخلنا فيه، والذي قال إننا لم نحسب لوحشة ظلمته و لم ندرك بُعد المسافة بين مدخله ومخرجه..!
و هو ما يشير إلى أن اليدومي بات متخوفا من المآلات التي تنزلق إليها البلد، غير أن هذا التخوف جاء متأخرا، خاصة و أن البلد باتت تتجه نحو العنف، الذي كان بالإمكان تجاوزه، و بالذات من اليدومي نفسه باعتباره رئيس أكبر حزب سياسي في تكتل المشترك الذي يملك نصف الحكومة، و يملك القدرة على توجيه سياسات الحكومة.
و طمأن اليدومي في منشوره، ربما مختلف اليمنيين، إنه لايزال في الوقت متَّسع، لتدرك ما وصلنا، غير أنه اشترط لذلك التعامل مع قضايانا ومشاكلنا بلغة العقل، و تغليب المصلحة العامة للوطن والمواطنين قولاً وعملاً، والنأي بأنفسنا عن أساليب اللف والدوران حول أنفسنا، و التمنطق بلغة الحوار، و الجلوس بإخاء و وطنية على مقاعد الرغبة في البحث عن حلول لمشاكلنا وقضايانا المتباينة و وجهات النظر فيما بيننا، و التحلق بجدًّ حول مائدة حوار صادق و رافض لأي كلمة أو موقف قد يستدرجنا من حيث لا نعي ولا ندرك الى الاحتكام الى شريعة الغاب..!!
طمأنة اليدومي هذه، تبدو في وقت يصعب فيه استحضار كل ما سرده آنفا، ما يجعلها مجرد اسقاط واجب، و خاصة في حال جاءت من رجل بحجم اليدومي، الذي يعد من أهم صانعي السياسات في البلد في الوقت الحالي.
اليدومي حاول استحضار الأمانة من قبيل “هذه بلادنا جميعا أمانة في أعناقنا” و هي عبارة توحي بأن البلد بات مقدما على كارثة.
و اتبع اليدومي ذلك بالقول” “ولا يستطيع أحد منا أن يدَّعي وطنية اكثر من غيره ولا أن يتفرد بها دون الآخرين..!” غير أن ذلك يتناقض مع تصريحات سابقة له و توجهات حزبه، التي تعتبر المخالف عدوا يجب اجتثاثه، و الدليل على ذلك أن حزبه كان طرفا في الحروب التي عصفت بالبلاد خلال العامين الماضيين ابتداءا من دماج و ليس انتهاءا بعمران.
و فيما بدأ اليدومي كواعظ يضع يده على قلبه، خوفا على اليمن، و هو يسوق لنا عبر و عظات من المحيط الاقليمي، دعا من اسماهم أهل العقول الراجحة و أهل الضمائر الحيَّة و أهل الوطنية الحقة، بعدم القبول بالدمار و الخراب لشعبهم.
و في سياق استدعاء العبر قال اليدومي في منشورة: “دروس العبرة كثيرة وعددها لا يحصى، وسوريا أبرزها و اقساها، وأكثرها مأساوية وبؤسا، ونراها في كل يوم وهي تكاد تتلاشى من أمام أعيننا أرضا وسكانا ونظاما ومعارضة؛ دون أن يحرك العالم ساكنا لإنقاذها من مأساتها ومن خطورة القادم من الأيام والذي قد يكون أكثر رعباً وإيلاماً..!”.
و بصيغة المتسأل المتعجب قال اليدومي: “هل ترضون لأنفسكم ولشعبكم الدمار والخراب؟ وهل ترضون أن ترتسم ملامح الرعب على وجوه أطفالكم ونسائكم؟ وهل تقبلون أن نحيا جميعا في أرض الشتات؟!
و يبدو أن اليدومي في تساؤلاته هذه بدأ مخوفا أكثر كونه ناصحا، غير أن السياسي “راسم السياسات” لا يطالب الآخرين بالحلول و إنما يضعها و يطلب منهم مناقشتها و اثرائها.
و في ختام منشوره، خاطب اليدومي كل اليمنيين و بلا استثناء لأحد، و هو خطاب يشير إلى حجم التخوف الذي بات يراه محدقا بالجميع، قائلا: “إنه من المحرم علينا – جميعا- أن نحرق صنعاء من أجل دبة بترول”..!!!
و تساؤله هذا مرود عليه باعتباره الرجل الأول في حزبه المشارك بقوة في صنع القرار، و الذي سير المسيرات و التظاهرات المناوئة للمطالبين بإسقاط الحكومة و الجرعة و تنفيذ مخرجات الحوار، و هي ذاتها المسيرات التي رفعت شعارات منادية برفض الطرف الآخر “الحوثيين” و وصمهم بالإمامة و الملكية التي ولت قبل أكثر من “50” عاما..
مسيرات الإصلاح، هي ذاتها من أزمت الأمور و شقت النسيج الاجتماعي و مهدت للفرز الطائفي “سنة شيعة”.
و قبلها كان حزب اليدومي واحدا من أحزاب السلطة التي اقرت الجرعة السعرية، التي القت بضلالها على الساحة اليمنية كلها، و كان بإمكانه رفضها و تفادي ما حصل، خاصة و أن هناك بدائل عدة تغني الخزينة العامة عن الجرعة السعرية.
غير أن ما قد يفهم من ختم اليدومي لمنشوره، بأن لا نحرق عاصمة البلد على دبة بترول، أن القبول بالجرعة أهون من احراق البلد.
ظهر اليدومي في منشوره هذا، ميالا للسلم و الخوف على الوطن، متناسيا أن حزبه هو من بات يلتهم الوظيفة العامة و يشكل غطاء لنافذين و فاسدين و يجر البلد صوب اتون حرب طائفية لن يسلم اليمنيين من آذاها عقودا قادمة، متناسيا أن ترحيل الأزمات يدفع البلد نحو مآلات أكثر كارثية.

زر الذهاب إلى الأعلى